مايونيوز -
بلغنا من متابعتنا لأيام العرب قصة الاعرابي راعي الإبل الذي أخذت إبله عنوة واقتدارا حيث عاد إلى عشيرته مكسور الخاطر يجرجر اقدام الندم.. ولما سئل عن الإبل حكى الحكاية من البداية إلى النهاية واختتمها قائلا: (اشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل). وكأنما كان يريد ان يقول لأبناء عشيرته أنه بهذا المسلك قد تعادل مع القوم الذين أخذوا الإبل.. فذهبت العبارة الآنفة الذكر مثلاً يضرب للعاجزين الذين لا يستطيعون أن يعملوا شيئا للذود عن الممتلكات والحقوق خلاف الصراخ والشتم.
اننا نرى في قصة الاعرابي راعي الإبل الكثير من التشابه في موقف الأحزاب والمنظمات السياسية من حراك انصار الله في شمال الوطن اليمني والحراك السياسي في جنوبه.. فحراك انصار الله اجتاح القرى والمدن انطلاقاً من صعدة باتجاه أمانة العاصمة صنعاء واسقط رئاسة وحكومة التوافق القائمة على النفاق السياسي لزعامات الأحزاب والتنظيمات السياسية مع اعضاء أحزابهم وحلفائهم من الأشقاء والأصدقاء من حولهم.
لا غرو اليوم انهم يخوضون غمار حوارات ونقاشات عقيمة ويدعون هنا وهناك إلى مواجهات مزعومة ولا يستجيب لهم إلاَّ القليل من اعضاء أحزابهم وتنظيماتهم.. لأن انصار الله غدوا يمثلون تياراً تاريخياً ومزاجاً شعبياً يرفضان العجز والتبعية والفساد.. والخارج لا يستطيع أن ينقذ من يرغب فيه من الناس، ناهيك عن انقاذ الوطن بأسره.. والله تعالى جلّ جلاله لا يصلح عمل الفاسدين.. لا مجال في الوطن للهروب إلى الأمام أو الى الخلف من الوحدة الوطنية والشراكة في إدارة حاضر ومستقبل اليمن عبر البنادق أو الحوار.
يبدو للمراقب للشأن اليمني أن أحزاب وتنظيمات البلد قد أصيبت بعمى في البصر والبصيرة إلاَّ ما رحم ربي.. فهم لا يرون إلاَّ اصطفافات قتل المواطنين وتمزيق الوطن.. خلال رفع رايات لا جدوى من الحوار والشراكة، مع هذا الطرف أو ذاك من أطراف العمل السياسي.. فلا يكاد يرى معظم أهل الأحزاب إلاَّ ممكنات الصراعات الإرهابية والطائفية المذهبية والانفصالية.. وهذا يؤشر بقوة ان لدى أهل السياسة حَوَلا سياسيا خطيرا، فلا ينظر أهله إلاَّ في زاوية ضيقة من مساحة وفضاء الوطن ولا يرون إلاَّ ما يودون.
انصار الله يحاورون وأيديهم على الزناد، والتجمع اليمني للإصلاح يحاور وعيونه مفتوحة على معسكرات الإرهاب.. وما تبقى من أحزاب المشترك يسيرون في الوطن مثل الخلي في القافلة.. أما المؤتمر الشعبي العام والتحالف الوطني الديمقراطي فإن لدى المشترك وانصار الله حساسية من النظر في طروحاتهم للخروج من أزمة الصراع الفظيع على السلطة ولهذا فهم يتحاورون عن الأزمة بعيدا عن ما يطرح المؤتمر والتحالف بصرف النظر عن صواب أو خطأ ذلك.. فالمشترك يختزل المؤتمر والتحالف في الزعيم علي عبدالله صالح وهو لا يستطيع إلاَّ أن يراه حاكماً.
خمسة عشر يوماً من الفراغ الدستوري في الوطن قد مضت وأحزاب التوافق تصطنع قضايا لا حدود لها لتمديد زمن الحوار وتعمل جاهدة على تحريك شبابها ضد انصار الله.. وانصار الله يواجهون ذلك الحراك بلا هوادة.. وافاق الخروج من مأزق فراغ الرئاسة والحكومة يضغط على الجميع.. انصار الله ينطلقون من مرجعية الثورة.. وأحزاب المشترك تنطلق من مرجعية التوافق والنفاق في الحوار بشهادة المبعوث الدولي إلى اليمن.
في تقديرنا الخاص أن الحال السياسي السائد، سيوصل كلا من الاخوان المسلمين وانصار الله إلى ما يتمنونه من خيارات في السياسة: الاخوان المسلمون يتمنون الذهاب إلى خيار الحروب المذهبية والتمزيق.. وانصار الله يريدون فرض خيار الثورة الذي يجعلهم في حل من مسايرة الآخرين.
خلاصة
الوطن في خطر.. والأحزاب تبحث عن الذرائع والتبريرات للامبالاتها وتخاذل مواقفها السياسية وانصار الله يتقدمون بسرعة تفوق سرعة صوت الرصاصة إلى غايات وأهداف معروفة لديهم.. والمؤتمر الشعبي العام والتحالف الوطني الديمقراطي يدعون إلى الشرعية والبرلمان. ولكن استجابة المتخاصمين ضعيفة لأسباب ذاتية.. وهكذا سيفوز انصار الله باليمن برغم أنف شاتميهم.