مايونيوز -
عندما يصبح الانسان غريباً في وطنه، يفعل ما يؤمر به ولا يحرك ساكناً إلاَّ بإشارة من هنا أو هناك، يكون عزاء الثوار والأحرار في الحرص الشديد على نيل أحدى الحسنيين: الشهادة أو الانتصار للوطن من الغرباء وأعوانهم من أبناء البلد.
أمة بكاملها وشعوب بأسرها، صارت فرائس في شباك أعدائها، وكيف لا يسارع اخيارها إلى مساعدتها.. الحال غدا أوسع من ما يرى أو أن تحاط بوصفه الكلمات، ويحتاج تغييره إلى المعتاد من الناس.. كل الناس إلى كثير من الأفعال.
الكراهية تمددت في أوطان العرب والمسلمين، بفعل فاعل.. الناس عادوا إلى جاهليتهم الأولى شيعاً وأحزاباً يتناضلون ويتقاتلون، على السلطة والثروة والجاه في أوطان مسلوبة ومغتصبة من أعداء مدججين بكلمات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
الثروات الوطنية مخطط أن تذهب إلى الثقوب السوداء في أوطان العرب والمسلمين.. ولا يسألن أحد أحداً عن المساعدات الخارجية، وإلى أين تذهب؟!.
إلا أن الغالبية من قادة الرأي يجزمون أنها تتسرب عبر ذات الثقوب السوداء لا محالة.
الناس في أوطان العرب والمسلمين مشغولون بلقمة العيش، الطوائف السياسية والاجتماعية منخرطة في مناشط العداوات والخصومات التي أصبحت تجري على كل شيء من أشياء الوطن.. والأعداء يؤججون نيرانها بين الأطراف.. وآفاق السلم والشراكة والتعايش تنشد ولكنها مسدوة مسدودة.
زيد وصحبه يفاخرون بزمجاد ماضي الأمة ورسالتها الخالدة التي سادت ثم بادت من أجل القفز على السلطة وسرقة المال العام، وعمرو وصحبه ينافقون بالمعاصرة ويقبضون على وهم السلطة من أجل ابتلاع الأخضر واليابس في الوطن.
حالة إنسانية عجيبة وغريبة، كلها ضعف وتوحش واستهتار بالدماء والأموال.. أوطان مجيدة غرقها الأقوياء من الأجانب والضعفاء من أبنائها في وحول التبعيات ومستنقعات العمالة.. من خلال رفع رايات مخادعة للثورة والتغيير والحرية والديمقراطية.
ذهبت خصوصيات أوطان العرب والمسلمين ادراج الرياح.. رياح العولمة.. واستخدام منجز ثورة المعلومات لمحو حدود أوطان العرب والمسلمين السياسية والروحية.. وجرت ومازالت تجري أحداث استلاب وتغريب لا مثيل لها في التاريخ للإنسان العربي والمسلم.. ايسرها أنه صار مطارداً ومتهماً في عقيدته بالتطرف والإرهاب.
الوطن اليمني ضاق اتساعه بخلافات وصراعات جماعاته السياسية والدينية بحيث أمست مزاعم وتخرصات تشير إلى تهديدات في المستقبل المنظور بمتاعب جمة جراء ما يدبر له من الوقوع في حروب طائفية وانفصالية من بلدات جواره بالاعتماد على خصومات أبنائه المختلفة.
الوطن السوري يشهد عمليات تدمير وتخريب مادي وروحي بأيدي أبنائه وغيرهم من الدائرين في فلك أعداء الأمة من البدو والحضر على السواء.. الأعداء يحرضون ويدربون ويسلحون ويحضرون في السر والعلن لاطالة الحروب الأهلية والعرب يمولون.
الوطن الليبي عصف به عدوان حلف الاطلسي الغادر وترك شعبه هذر مذر.. وتقاسمت قراره السياسي مليشيات الإسلام السياسي وغيرها.. ولما استعاد الجيش الليبي أنفاسه واسترد بعض إرادته وأخذ يتطلع إلى استرداد دور الدولة دخلت المليشيات في نزال حربي مقيت ومميت.
الوطن العراقي ذهب إلى الفوضى ولم يعد بعد.. واعطى قراره الوطني لذوي الجنسيات المزدوجة.. وتمادى الأعداء وأعوانهم في تمزيق نسيجه الوطني.. وجعلوا من أكبر طائفتين اسلاميتين فيه قطبين يتنازعان ويتصارعان على الخير والشر فيه.
أما مصر العريقة بحضارتها والغنية بثقافتها فقد قام سياسيوها وجيشها وأمنها بانقاذها.. ولكنها ما برحت في دائرة التآمر الداخلي والخارجي وهي ترى اليوم تصرف الكثير من الوقت والجهد والمال من أجل رد أمواجه العاتية.
وهذه تونس الابية تقوم من عثرتها على (نداء تونس) موحدة الغالبية العظمى من أبنائها لتجدد خيارها الوطني في الحياة، ولعلها تنفض ما علق بوجهها الباهي من إدعاء وزيف جراء أيام مضت ملبدة بغبار (ديمقراطية) الإسلام السياسي.
خلاصة
مع كل هذه التقلبات في الغفلات والصحوات للأمة في المنطقة فإنها تعصف بها رياح حرب طاحنة تحت مفهوم ملتبس يسمى الإرهاب.. حيث أن كل من يقاوم خيار أمريكا السياسي يسمى إرهابياً أو معاوناً للإرهاب.. ولعمرك كم في هذا الزعم من تعسف لحقائق ووقائع العالم المعاصر حيث لا يجد عزاء الإنسان العربي الفلسطيني من إرهاب اسرائيل على أقل تقدير.