مايونيوز -
لما قامت ثورة الشباب في الحادي عشر من فبراير عام 2011م أبهر بريقها عيون المتآمرين في حزب الاصلاح (اخوان اليمن) وتنادوا للقيام بعمل ما لدفع اخطارها القادمة والمهددة لنفوذهم، وهبوا هبة واحدة- عسكراً وسياسيين- الى احتضان فكرة الالتحاق بالثورة والعمل من داخل صفوفها لتأمين نفوذهم وزيادته.. وهكذا تأتى لهم الكثير مما أرادوا، فأنتقلوا من موقع مخادعة الرئيس علي عبدالله صالح إلى مصارحته ومناجزته، عياناً بياناً، وجمعوا من حولهم سفهاءهم يهجونه شخصياً ويقللون من انجازاته.
ولما استعصى على المتآمرين مسألة الاطاحة بحكم الرئيس علي عبدالله صالح تفتقت اذهان مفكريهم عن سيناريو: مؤامرة جمعة الكرامة، التي اطاحوا خلالها برؤوس العديد من أبناء الثورة، من أجل أن يتقدم الجنرال علي محسن الأحمر وعصابته في الجيش والأمن ومليشيا حزب الإصلاح إلى ساحات وميادين الثورة تحت راية ذريعة حماية الشباب وثورتهم.. وهكذا تحولت الثورة الى صراع مفتوح على السلطة ثم صارت أزمة عامة تنذر بقدوم حرب أهلية مدمرة في اليمن.
من هنا كانت التفاتة الأشقاء في مجلس تعاون دول الخليج والأصدقاء في العالم إلى ما يجري في اليمن، بما يمثله من أهمية في جواره الخليج وموقعه الاستراتيجي باعتباره يطل على البحر الأحمر والبحر العربي ويتحكم في باب المندب الذي يعد أهم المنافذ البحرية في العالم. فاقتضت مصالح الاقليم والعالم الالتقاء مع مصالح الشعب والوطن اليمني في التهدئة والحوار والتوافق في اليمن وشراكة القوى السياسية والاجتماعية، في الحكم، فكانت المبادرة الخليجية وخروج المتصارعين بأقل ما يمكن من الخسائر، وكان الوطن والشعب في المعادلة السياسية هما صاحب النصر.
ما كاد الرئيس علي عبدالله صالح ان يفيق من هول ما أصابه ورجاله جراء الحادث الاجرامي الرهيب يوم اول جمعة في شهر رجب عام 1433هـ الموافق 3 يونيو عام 2011م.. الحادث الشهير (بحادث مسجد النهدين) بالرئاسة حتى وجه رجاله في القوات المسلحة بعدم الانجرار الى الاستجابة لمخطط الحرب الأهلية التي كان يهيئ لها علي محسن وأولاد الأحمر وحزب الاصلاح ويدقون لها الطبول من كل الجهات في البلاد.
فلما استرد الرئيس علي عبدالله صالح صحته ذهب إلى الرياض ليوقع مع سائر فرقاء الحياة السياسية على المبادرة الخليجية، وكان قبل ذلك قد تنازل عن كل صلاحياته الدستورية لنائبه عبدربه منصور هادي.. ان قائدا سياسيا يفعل كل هذا الخير لوطنه وشعبه من حقه ان يشعر بالأمن والطمأنينة في بلده وان يناله من أهله (المتفق او المختلف معهم) ما يستحق من التقدير والاحترام.
ينبغي ان يعلم أشقاؤنا وأصدقاؤنا ان المشهد السياسي في اليمن لمّا يستقر بعد منذ احداث الازمة عام 2011م برغم كل الجهود التي بذلت على مستوى الميادين كافة ما بعد المبادرة الخليجية والحوار الوطني، إلا أن الجميع لم يتمكنوا من حل مشكلة صعدة وكذا مشكلة الجنوب.. وكل جهود السلطة على مستوى القضية الجنوبية لم تتجاوز ايجاد طغمة منتفعة تدّعي تمثيل الجنوب وتتعيش على حساب معاناة مئات الآلاف من أبناء الجنوب والدليل ما نراه بأم أعيننا في ساحات العروض من اعتصامات ابناء الحراك الجنوبي هناك ومطالبتهم بتقرير المصير والاستقلال -كما يقولون-.
أما قضية صعدة فقد تحولت الى قضية الشعب كله بأقوال وأفعال القائمين بها فهم يزعمون اسقاط دولة حزب الاصلاح (اخوان اليمن) ويساعدون الدولة على إعادة هيبة النظام والقانون -كما يزعمون ايضا- انهم يحاربون الفساد المالي والأمني والسياسي في أجهزة السلطة، وعلى هذا الأساس فان انصار الله وهم يعطون الناس الأمل في الحفاظ على الدولة اليمنية الواحدة المدنية والعادلة، فلا غرو ان يجدوا لهم مساندة واسعة من أبناء الشعب نتيجة ذلك وما يراه الرائي من كساد بضاعة منظومة القوى الموقعة على المبادرة الخليجية وما تمخض عنها من وجود لدولة اللادولة في البلاد.
الخلاصة
انصار الله جاء بهم إلى صنعاء ضعف المنظومة السياسية الممثلة لسلطة التوافق وما واكب مسارها العملي من هلهلة وسبهللة في أداء أجهزة سلطة التوافق السياسي وما رافق ذلك من أعمال سلب ونهب للمال العام واغتيالات نابعة من داخلها ومن خارجها على السواء.. والرأي العام اليمني يتمنى على انصار الله ألاّ يكرروا تجربة الفصيل القوي التي سار على وهمها حزب الإصلاح حتى وصلت إلى ما وصل إليه من الفشل والمقت.
السلطة والأحزاب والتنظيمات السياسية يجب أن تضع الدولة المدنية الديمقراطية في أولوية أولوياتها السياسية من جهة وأن تعمل على تعزيز أواصر السلام الاجتماعي والشراكة في الوطن من جهة ثانية.