محمد عبدالله مهيوب -
ـ حكى لي احد الأصدقاء حكاية جديرة بان تحكى.. انها حكاية ثلاث شخصيات: محافظ ـ شيخ قبيلي ـ طبيب.
ـ المحافظ كان موظفا بسيطا.. حاصل على البكالوريوس.. يسكن في شقة ايجار.. ظروفه الاجتماعية صعبة.. لا يملك شيئا: لا منزل ولا سيارة.. يعني بالكلام البلدي (ضبحان)!.
ـ الشيخ القبيلي لم يستطع ان يواصل دراسة الثانوية.. ظروفه الاجتماعية متيسرة.. بدأ حياته في ممارسة التجارة.. باستغلال نفوذه القبلي دخل دنيا التجارة من النافذة.. ومارس السياسة من الباب الخلفي!.
ـ الطبيب من اسرة فقيرة.. كان مبرزا في دراسته الجامعية.. تخصص في مجال طبي نادر ومرغوب.. بعد ان كلّت يداه من طرق ابواب وزارة الخدمة المدنية، وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة، لجأ الى السفارات عله يوفق في الحصول على فرصة عمل في الخارج.
ـ بعد مرور أقل من عام من نقطة البداية كيف صار الحال؟.
ـ المحافظ اصبح يعيش في قصر لا يملكه أمراء البترو- دولار.. له من العقارات والمزارع والمشاريع التجارية ما لا يحصى ولا يعد!.
ـ الشيخ القبيلي اصبح لديه شركات ومشاريع واملاك واستثمارات ضخمة في اليمن وفي عدد من البلدان العربية والاوروبية!.
ـ الطبيب اصبح ناشطا حقوقيا يشار اليه بالبنان.. احدى السفارات اقنعته بان يترك الطب ويتفرغ للعمل في مجال الدفاع عن حقوق الانسان اليمني!.
ـ بعثت السفارة الطبيب الى احدى البلدان الاوروبية للتدريب.. بعد عودته مولته السفارة بكافة الامكانيات المادية اللازمة!.
ـ وبفعل دعم السفارة بات الطبيب يدير مؤسسة ترعى حقوق الانسان اليمني كافة اعضاء مجلس ادارة المؤسسة من الاقارب!! نجح الطبيب في استقطاب الكثير من الشباب الذين تم تدريبهم في الخارج!.
ـ بفعل رعاية السفارة أصبح الطبيب يتمتع بحياة اجتماعية وظروف معيشية افضل من أي طبيب متخصص!.
ـ اكثر هؤلاء الثلاثة (خرطا) و(مزنطة) هو المحافظ!.
ـ عندما يدخل المحافظ ديوان القات في اي مكان يذهب اليه.. لا يدخل الا بطقوس.. في البداية يدخل احد الحراس المكلف بادخال القات.. بعده يدخل المكلف بدبة القهوة.. الثالث يدخل حاملا معه التلفون السيار.. ورابع يدخل ليأخذ القات ويغسله ويعيده بشرط ان يكون مكشوفا على شأن «الفشكرة»!.
ـ اما الخامس والاخير فان مهمته ان يأتي بحبة سيجارة بعد مرور كل ساعة!.
ـ اكثر الثلاثة عبثا بكرامة الانسان الاخ القبيلي.. عندما يأتي اليه الناس الغلابة من قبيلته الى الديوان، فان المطلوب منهم قبل اي كلام ان يقبلوه في الركبة!.
ـ ما يميز الطبيب (الحقوقي) عن المحافظ والشيخ القبيلي، كثرة السفر، التواصل مع جهات أجنبية الاعتماد على الدعم الخارجي وعدم التعامل مع الريال اليمني!.
ـ القبيلي والطبيب شاركا في مؤتمر الحوار الوطني.. المحافظ اعتذر.
ـ الثلاثة يحظون بثقة احزابهم.. انهم على رأس المرشحين في الحكومة الجديدة: حكومة الكفاءات، ضمن الحصص الممنوحة للاحزاب.
ـ المحافظ مرشح كوزير للادارة المحلية.. القبيلي مرشح كوزير للتجارة.. اما الطبيب فقد رشح كوزير لحقوق الانسان!.
ـ في ختام الحكاية تساءل صديقي بحسرة: متى سيفعل صولجان ردع الفساد السياسي الاقتصادي والاداري والمالي؟! متى سيعاد الاعتبار للمبدأ العظيم «من اين لك هذا؟».. متى ستتجاوز يد الهيئة العليا لمكافحة الفساد مرتادي الفساد الصغير لتطال رواد الفساد الكبير، أصحاب القروش والقصور والكروش الكبيرة؟!.
الى من يهمه الامر:
متى سيتاح المجال للعقول والكفاءات ان تتسنم كرسي الوزارة بدلا من التعامل مع الحقائب الوزارية كعكة تتقاسمها الاحزاب؟!
متى ستوظف الاحزاب نفسها في سبيل خدمة الوطن، بدلا من ان تسخر الوطن لخدمة مصالحها الضيقة؟!.