مايونيوز -
يمر الوطن اليمني هذه الأيام بمنعطف سياسي شديد الخطورة، قلما يرى في ما مر من أحداث ليس لها من مثيل، انها لحظة من الزمن فارقة يعيشها إنسان هذا الزمن الرديء، ويتعايش من خلالها مع الكثير من المنغصات والمخاوف من الحاضر والمستقبل.. توجب على الساسة من أبناء اليمن، المزيد من الانتباه لما يصدر عنهم من الأقوال والأفعال.
الاختلاف في الرؤى والمواقف في السياسة مألوف في الحياة، ولا يجوز أن يمارس تجاه الأفراد والجماعات التي تتعاطى معها الاكراه والاقصاء.. فالحوار والتفاهم ينبغي أن يظل سيد الموقف، كي يستطيع الجميع التعايش في وطن من الأحرار بنزاعاته وتوافقاته.. وبما أن اليمنيين وحدهم هم المعنيون بترتيب أشياء بيتهم الكبير فإنهم مدعوون قبل غيرهم إلى مساعدة بعضهم.
بكل تأكيد أن بناء اليمن الجديد يحتاج إلى شراكة حقيقية بين أطراف العمل الساسي بكل ما لديهم من أشياء زينة أو شينة في الحياة.
إن الحركة السياسية الوطنية ذات تعدد واختلافات ايديولوجية وفكرية توجب اعتماد أسلوب الحوار والتفاهم في الحياة السياسية.. وليس من الحكمة في شيء أن يدعي طرف منها صحة وسلامة رؤاه ومواقفه دون الآخرين.
يقول الإمام الشافعي: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.. ونحن نقول إن مخرجات المؤتمر الوطني للحوار تحتوي على كثير من الصواب يجدر بنا الاصطفاف من أجل تنفيذها.. علينا أن نعي أن لا أحد يستطيع أن يجد لها حلاً بمفرده أو جماعته، وأن الرئيس عبدربه منصور هادي يمارس قدراً كبيراً من الوطنية المنضبطة عندما يبدي استعداده لوضع كل شيء على الطاولة.
إن حقائق التاريخ والممارسة السياسية في الوطن اليمني تخبرنا ان الناصريين كانوا في الحكم.. ثم انقلب عليهم خصومهم فقتلوا من قتلوا.. وسجنوا من سجنوا.. وهم يمارسون العمل السياسي من دون تفكير في إيجاد ذراع عسكري.. والاشتراكيون هم الآخرون جاؤوا إلى دولة الوحدة بجيش وأمن وإدارة.. وكل ذلك قد انصهر بدولة اليمن وهم في الحاضر يمارسون العمل السياسي ولا يوجد لهم جناح مسلح.. أما المؤتمر الشعبي العام حكايته معروفة كان لديه جيش وأمن وإدارة عندما كان في الحكم ولا يملك اليوم عسكرياً واحداً حسب علمي.
يتواجد السلاح بصورة ملفتة للنظر لدى مكونات الإسلام السياسي والإرهابيين وبعض قبائل وعشائر في اليمن وهؤلاء -مجتمعين ومنفردين- هم من يهددون أمن وسلامة الوطن والدولة حتى اشعار آخر.
كنا في المؤتمر الشعبي نتأمل أن يأتي الاصطفاف الوطني ليشمل انصار الله ومكونات الحراك الجنوبي.. وأن يكرس هذا الاصطفاف الوطني لاستكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية وتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار، ولكن جاءت رياح الواقع المعاش بما لا تشتهي سفن المؤتمر.. وعزاؤنا الوحيد نجده في أن نفهم أن لا شيء يأتي من فراغ.
ما أقسى ما قام به انصار الله، لقد زادوا من متاعب سلطة التوافق وأحزابها بانفرادهم المنظور بممارسة موقف من الإجراءات الإصلاحية الخاصة بالنفط ومشتقاته.. وما كان من سلطة التوافق إلا أن تتعامل بنفس طويل وضبط نفس وحرص على التواصل والاتصال والحوار والتفاهم حول المطالب المرفوعة للشارع من قبلهم.
الخلاصة
من يحاولون مغالطة بسطاء الناس ومخادعتهم برفع الشعارات البراقة كمحاربة الفساد والغاء الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن أن يمروا مرور الكرام بخدعهم ومغالطاتهم ومن الخير لنا ولهم وللناس ألاَّ يتمادوا في الخروج الفظ عن الاجماع الوطني.
الشعب يريد موقفاً وطنياً ملموساً من الجماعات المسلحة التي تدعي التعبير عن إرادة الشعب المتمثلة في الاسراع بإلغاء المليشيات وتسليم السلاح حتى تكون الدولة هي المالك الوحيد للسلاح حقناً لدماء وأرواح عباد الرحمن.
هكذا يمكن لأبناء الوطن اليمني ترتيب أشياء بيتهم الكبير بأقل ما يمكن من العناء والجهد.. فهل تجد نداءات المخلصين من أبناء هذا الشعب العظيم من سبيل إلى آذان الجماعات المستقوية بالسلاح والمال والخارج؟!.