مايونيوز -
في ذات ليلة من ليالي مدينة عدن الحافلة بأسماء الأدب والسياسة والتاريخ كان لنا مجلس مع ثلة من الاكاديميين في علوم السياسة والدبلوماسيين ورجال الإعلام المخضرمين والشباب (يمنيين وعربا وأجانب) حوالي عشرة أشخاص أو أكثر قليلاً مما يعد العادون كنا في ضيافة أحد الدبلوماسيين الأجانب الأصدقاء.
قال: هذه الأمسية أردتها لتعميق الصداقة وحرصت أن تكون في عدن لما لها من معزة عندي وجميع المدعوين من الأصدقاء القريبين إلى نفسي ونفس زوجتي السيدة ديانا.. وهذه الليلة خالصة لها لأنها تصادف عيد ميلادها.. وانتفضنا من فورنا لنبارك لها نساءً ورجالاً.. وما أن أخذنا مواقعنا حتى وقفت السيدة ديانا خطيبة فينا:
اشكركم جميعاً على حضوركم واخص بالذكر السادة الذين جاؤوا مع زوجاتهم لمشاركتي وجون فرحتنا هذه الليلة ولو كنت ممن يحسنون قول الشعر لقرأت على مسامعكم أعذب وأرق القصائد ولكن استميحكم عذراً أن أقرأ عليكم ابياتاً من قصيدة لشاعر عربي مجيد أحبه كثيراً.. ثم قرأت بلغة فصيحة ولسان عربي:
رقت حواشي الدهر فهي تمرمرُ
وغدا الثَّرى في حليه يتكسرُ
ثم قالت: اسعدتمونا بحضوركم طاب وقتنا واياكم.. وخطت أمامنا إلى غرفة الطعام وتبعها زوجها بعد أن دعونا بالتفضل إلى الحضور معهم بالطبع.
مائدة فيها ما لذ وطاب كأنما هي من موائد ألف ليلة وليلة أكلنا منها حتى شبعنا وشربنا حتى ارتوينا وحلينا ثم عدنا إلى مجلسنا وفاجأنا مضيفنا قائلا: إن زوجتي لها رأي ظريف في أوضاع بلادكم الراهنة.. ارجو أن يتسع وقتكم وصدوركم لسماعه مع تقديري لكم جميعا.
وقبل أن يتحرك لسان أحدنا بكلمة قالت ديانا: إن اليمن يحظى بتنوع مناخي طوال أيام العام، وفيه تعدد في موارد الثروة مبهر وموقعه الاستراتيجي يكفيكم فخراً أنه يقع بجوار البحر الأحمر وبحر العرب وأنتم في المنطقة تعدون دولة شبه محورية إذا تمكنتم من استخدام ما بأيديكم استخداما رشيدا.
ثم تلاها زوجها قائلا: إن الرئيس عبدربه منصور هادي على تعبير أحد رجال امريكا «ليس من القيادات التاريخية ولكنه يؤدي مهامه باتقان» واذا ساعدته القوى السياسية والاجتماعية على الوفاء بما تحتاجه الظروف الاستثنائية في هذه البقعة سوف يدخل التاريخ كمنقذ وطني لشعبه وقواه الوطنية.
قال أحد الحاضرين اليمنيين: الأمر لا يتعلق بدخول التاريخ أو الخروج منه على أهميته، ولكن النجاح أو الفشل يتمحور حول وجود أخطاء وتحديات تحيط بالوطن تأتي في المقدمة منها مسألة الإرهاب وسلاح مليشيات الأحزاب والتنظيمات السياسية في عموم البلاد.
قال آخر: في تقديري ان مفتاح القضايا المعقدة في اليمن مازال يكمن في إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية.. وهناك نوع من العمى أو التعامي السياسي يمنع أصحاب القرار من الأخذ الجاد بما يطرحه الحراك الجنوبي من آراء وحلول.. ودول المنطقة والمجتمع الدولي تمالئ النظام على ما يراه.
قال دبلوماسي عربي: نحن نرى ما يراه أهل السياسة في اليمن ونساعد الجميع على الحوار والتقارب والتفاهم في الحاضر والمستقبل.. وكنا لكم خير معين في وقت الأزمة السياسية ومنعنا بقوة ذهابكم إلى الاحتراب وتراضينا مع الأصدقاء في امريكا والاتحاد الأوروبي على بنود المبادرة الخليجية وتحاورنا مع اطراف الأزمة السياسية واقنعنا الكل بالتوقيع عليها.. وفي رأيي أن اليمنيين هم المعنيون بتنفيذها حسب الآلية المرسومة لها.
الخلاصة
ووجدتني دونما قصد مني أحدث نفسي لو أن اليمنيين توجهوا بإرادة سياسية وطنية واحدة نحو تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ما كان حدث ما حدث من ارباك في المسار الوطني الذي حدده المؤتمر وكانت بداية كل البدايات تكمن في محاربة الإرهاب ونزع سلاح مليشيات الأحزاب والتنظيمات واستكمال ما تبقى من مهام المبادرة الكامنة في صياغة دستور الدولة الاتحادية الديمقراطية وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية المنتظرة.